Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
belfatmi-abdou.over-blog.com

Géopolitique, sciences politiques

شهداء كوميرة

شهداء كوميرة

 

            تحل يوم غد الذكرى 37 لإضراب 20 يونيو 1981. وسأتناول الموضوع عبر عدة تساؤلات. الذين خططوا للإضراب لم يكونوا أغبياء، بغض النظر عن هدفهم : خدمة الشعب أم خدمة مصالحهم. ونحن هنا لسنا في مقام تقييم للحدث، بل فقط لإثارة بعض جوانبه.

 

            هل كانت هناك قضية ؟ الذين عاشوا هذه الأحداث، خاصة سكان الدار البيضاء، سيقولون كان هناك وضع (وهو غلاء الأسعار بزيادة أكثر من 100 في 100 في المواد الأساسية)، لكن لم تكن هناك قضية. فما الدليل ؟ لا أحد من الذين قضوا ذلك اليوم ينتمي إلى تيار اليساريين (حزبيين أم نقابيين) الذين دعوا للإضراب. والمطالب كلها قد تكون سياسية (أنا لا أومن بالمطالب النقابية) وقد يجليها السؤال التالى.

 

            لماذا 20 يونيو ؟ الجواب السياسي :  كان حزب الإتحاد الإشتراكي، هو رمز المعارضة في المغرب، ومنها معارضة إقامة استفتاء في أقاليمنا الجنوبية. وبعد أحداث " 20 يونيو "، أصدر المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي بلاغا يوم 5 شتنبر 1981  يحدد فيه رأي الحزب من قضية الصحراء المغربية إثر الموقف الذي اتخذه مؤتمر نيروبي. فنفي عبد الرحيم بوعبيد إلى مدينة ميسور. والمعلوم أن الأحداث الجسيمة لا تطبخ بين يوم وليلة، بل لزمها وقت طويل. وتنفيذ الإضراب في اليوم الذي كان فيه المرحوم الحسن الثاني في نيروبي (من أجل قبول الإستفتاء)، لا يترك مجالا للشك للربط بين الحدثين.

 

            الجواب الإجتماعي ـ الإقتصادي : وهو ذو شقين. أولا استقطاب الطلبة المتواجدين بالمدينة من أجل تضخيم أعداد المضربين. وقد لوحظ يوم 21 يونيو، اليوم الموالي للإضراب، أن نسبة كبيرة من مقاعد أقسام الإمتحانات كانت فارغة. فاستخدام الشباب كدروع (Bouclier) في مثل هذه المظاهرات شائع في كل أنحاء العالم ؛ فكان الشهداء من الناس المتقدمي سنا قليل جداً، لعل أشهرهم كما يقول البيضاويون " مول لخميرة "، وهو رجل خرج لشراء الخميرة فلم يعد.

 

            والشق الثاني يختص به جهابذة المخططين للإضراب، والذي كان في ذهنهم سيمتد لأيام، أي لما بعد الامتحانات. وهذا يعني أن الطلبة المتواجدين بكثرة في المدن (ونخص بالذكر الدار البيضاء) سيتفرغون لأعمال أخرى. ومن وراء هذا هناك ضرب لمجال اقتصادي مهم هو مجال النقل. فالظرفية كانت ظرفية عطلة، وضرب منظومة النقل معناه تعطيله وإشعال أزمة النقل الموازي : نقل البضائع.

 

            لماذا انتهى هذا الإضراب بما انتهى إليه ؟ لأنه لم يكن إضرابا البتة. يقول المختصون : « هل مفهوم الإضراب أن الدولة في جهة والمضربين في جهة؟ لا أظن ذلك، أظن شخصيا أن القانون الأساسي للإضراب هو أولا الحوار، فإذا لم تحصل نتيجة عن الحوار يقع الإنذار...». لكن أي شيء من هذا وقع. فحشر الأطفال والطلبة في الأحداث ليس إضراب، فهم لا دخل لهم مباشر في النسيج الإقتصادي. ثم أن هؤلاء القاصرين قاموا بأعمال تخريبية لا تمت إلى الإضراب بصلة، وهو ما استدعى تدخل الجيش بالرصاص الحي.

 

            ولماذا تدخل الجيش ؟ أولا لأنه من المعروف في أدبيات المظاهرات في العالم أجمع، أن الجيش يتدخل حين تصبح قوات الشرطة عاجزة عن حفظ النظام. هذا بديهي ولن يفكر مسؤول كيفما كان في غير هذه الخطة. ثم لأن قواتنا المسلحة هي جيش لدولة، وليس جيشا سياسيا له دولته الخاصة كما عند معظم الدول العربية، ونحن على علم بهذا. وأخيرا، علينا ألا ننسى أن الجيش المغربي كان لا يزال يجر وراءه ذيول إنقلابي 1971 و1972، وكان في طور ترميم صفوفه.

 

            أما الذين يقولون لماذا لم يطلق الجيش التونسي الرصاص على مواطنيه أثناء ثورة الياسمين في 2011 ؟ أقول لهم هناك عامل الوقت، حيث نضجت قيادات الجيش تدريجيا، ثم أنه لم يكن هناك أي عمل تخريبي. وأضيف لهؤلاء : فلماذا تدخل نفس الجيش (التونسي) في أحداث يناير 1984 بسبب ما سمي بثورة الخبز ؟ سقط شهداء كثر أيضا، وعطلت المدارس بين يومي 4 و 7 من نفس الشهر، وثم منع حظر التجول.

 

            وإذا كان إدريس البصري أطلق على الضحايا إسم " شهداء كوميرة "، فلأنه لم يعش حملة مقاطعة 2018، ولو كان عاشها لأطلق عليهم " شهداء كوميرة لمداويخ ".

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article